عزفت الماكينة الهجومية الكاتالونية من جديد وأمتعت عشرات الآلاف التي احتشدت في استاد "كامب نو" بسداسية كان ضحيتها هذه المرة بلد الوليد ليستعيد برشلونة الصدارة وبجدارة من ريال مدريد الذي كان تذوقها لساعتين فقط, وبات حالياً ثانياً مؤقتاً, عقب فوزه الصعب جدا على حساب ضيفه العنيد ملقة 4-3 في عاشر مراحل الدوري الإسباني لكرة القدم.
وإذا كان برشلونة قد واصل هوايته في دك شباك منافسيه, فإن أمرين ميزا هذه الأمسية الإسبانية من الـ"ليغا", عنوانهما مهاجم برشلونة الكاميروني صامويل إيتو ومهاجم ريال مدريد الأرجنتيني غونزالو هيغوين بتسجيل كلا اللاعبين أربعة أهداف أي "سوبر هاتريك" في أمر يعد نادر من نوعه, وقد رفع ايتو رصيده إلى 13 هدفاً وتصدر ترتيب الهدافين أمام مهاجم فالنسيا دافيد فيا.
برشلونة-بلد الوليد
يبدو أن نهم لاعبي فريق برشلونة هذا الموسم للتسجيل لا حدود له ومعه تكاد تتحول الانتصارات الكاسحة هواية وليست استثناء, إذ أنه بهزمهم بلد الوليد 6-0 يكون برشلونة حقق رابع نتيجة كبيرة في عشر مراحل حتى الآن من عمر الدوري رافعاً رصيده الهجومي في الـ"ليغا" إلى 34 هدفاً بمعدل 3,4 في المباراة.
وبفوزه هذا يكون برشلونة حقق ثامن انتصار على التوالي هذا الموسم في الدوري بعد بداية هزيلة تمثلت بخسارة أمام نومانسيا 0-1, تلاها تعادل مع راسينغ 1-1, قبل أن تتوالى الانتصارات الواحد تلو الآخر بشكل بات السؤال من سيوقف برشلونة؟
قبض لاعبو المدرب جوسيب غوارديولا على المباراة منذ بدايتها وبدا أداؤهم أشبه بمعزوفة موسيقية إذ أجادوا نقل الكرات كما أرادوا ووصلوا نتيجة ذلك للمرمى منافسهم مرات ومرات, وكان لافتاً تألق الأرجنتيني ليونيل ميسي بصناعة الألعاب فيما تكفل ايتو ترجمت الفرص.
افتتح برشلونة التسجيل في الدقيقة الثانية عشرة حين اجتاح دانييل ألفيس الجهة اليمنى ولعب عرضية زاحفة متقنة لاقاها ايتو وببراعة راوغ مدافعين بحركة واحدة ثم سدد يسارية أرضية زاحفة فشل الحارس اندريس سيرجيو في التصدي لها.
وفي الدقيقة ثلاثين شن لاعبو برشلونة هجمة مرتدة سريعة وضع فيها ايتو بتمريرة ممتازة الفرنسي تييري هنري في مواجهة المرمى لكن تسديدة الأخيرة ارتدت من حارس بلد الوليد لايتو نفسه الذي لم يجد صعوبة في التصويب بقوة في شباك الضيف مانحاً فريقه التقدم 2-0.
وقبل أن يلفظ الشوط الأول أنفاسه انهار الفريق الضيف تماماً أمام عصف لاعبي برشلونة وتحديداً ميسي الذي لم تعرف قدماه كللاً وكان السبب الرئيس في خلق الفرص, ففي الدقيقة 42 فاصل مراوغة من ميسي أتبعه بتمريرة أفضت لانفراد ايتو الذي سجل الـ"هاتريك", ثم الـ"سوبر هاتريك" في الدقيقة 45 بعد تمريرة من ميسي أيضاً من الجهة اليمنى أطلق إثرها ايتو العنان لفرحته خصوصاً أنه ذكّر بما يقدمه حالياً بمستواه مع برشلونة عام 2006 حين كان يدك مرمى منافسيه بغزارة.
وفي الشوط الثاني بدا اللقاء أكثر هدوءاً في فترته الأولى لكن دون تغيير في السيطرة والفعالية, فنجح برشلونة في زيادة غلته بهدفين جديدين الأول عبر الايسلندي ايدور غوديونسون في الدقيقة 71 الذي انفرد بحارس بلد الوليد اثر خطأ فادح من الأخير في التمرير وسجّل, والثاني عبر الفرنسي تيري هنري الذي ترجم جملة كروية رائعة بين ميسي والبلاروسي الكسندر هليب إلى هدف سادس ختم به مهرجان الأهداف.
ريال مدريد-ملقة
تذوق ريال مدريد الصدارة لساعتين بعد تحقيقه فوزاً غالياً على ضيفه ملقة بنتيجة 4-3 في مباراة عاصفة تنقلت بين الضيف والمضيف مرات إلى أن ابتسمت أخيراً لرجال المدرب الألماني برند شوستر الذي بدوره تنفس الصعداء, وهو الذي لم يخرج بعد من صدمة السقوط في مدريد امام يوفنتوس الإيطالي 0-2 في دوري أبطال أوروبا.
نجومية المباراة تقاسمها لاعب ريال مدريد الأرجنتيني غونزلو هيغوين الذي سجل "سوبر هاتريك" أي أربعة أهداف رافعاً رصيده إلى تسعة أهداف هذا الموسم في الدوري, وفريق ملقة بأكمله في الجهة المقابلة الذي كان نداً صعباً وحصاناً صعُب لجمه, لا بل كان قريباً جداً من الفوز الذي أفلت منه بسذاجة من دفاعه وربماً بأخطاء تحكيمية خصوصاً أن هدفين لريال جاءا من ركلتي جزاء (الثاني بعد متابعة) يكتنفهما الغبار.
سجل أهداف ريال مدريد الأرجنتيني غونزالو هيغوين في الدقائق 7 و36 من ركلة جزاء, و70 و77, فيما سجل أهداف ملقة البرتغالي إلزيو سانتوس في الدقيقة 5 ونبيل باها في الدقيقة 18 وأنطونيو بينيتيز في الدقيقة 69, وشهد اللقاء طرد ظهير ريال مدريد سيرجيو راموس في الدقيقة 44 بعدما داس سانتوس عمداً.
قدم الفريقان عموماً مباراة قوية وسريعة لم يتوقعها متابع, على الأقل من جانب فريق ملقة الجريء الذي فاجأ مضيفه بهجمات سريعة بدا أمامها دفاع ريال مدريد هزيلاً سهل الاختراق, فيما ظهر خط هجومه ووسطه أفضل حال بأشواط, وعليه جاءت الأحداث غنية وسريعة وعلى قدر من المتعة لدرجة لم تسمح للمشاهد بالتقاط أنفاسه.
شرع لاعبو ملقة في الهجوم فور إعلان الحكم ادواردو غونزاليز انطلاق المباراة واستطاعوا التقدم سريعاً في الدقيقة الخامسة عبر البرتغالي إلزيو سانتوس الذي سجّل من كرة ارتدت إليه من تمريرة كان قد لعبها بعد توغل رائع على الجبهة اليمنى راوغ فيه مبعوثَي أميركا اللاتينية البرازيلي مارسيول والأرجنتيني غبريال هاينزه.
رد فعل ريال أتى سريعاً في الدقيقة الثامنة وسط فراغات كبيرة في دفاعات ملقة حين استطاع الأرجنتيني غونزالو هيغوين التسجيل بتصويبة قوية من داخل المنطقة أدرك منها التعادل الذي عاد وانكسر في الدقيقة 18 عبر نبيل باها الذي استثمر ضعف أداء هاينزه وسجل هدف التقدم للمضيف.
لكن الضيف أبى الدخول لغرف الملابس في استراحة الشوطين خاذلاً جماهيره التي اكتظت بهم مدرجات "سانتياغو برنابيو" فاستطاع إدراك التعادل في الدقيقة 36 من ركلة جزاء احتسبها الحكم إثر لمسة يد متعمدة على البرازيلي ويلغتون دي أوليفييرا ترجمها غونزالو هيغوين بنجاح تام.
لم يتغير السيناريو الشيق في الشوط الثاني الذي بدا نسخة عن الأول من ناحية الإثارة والسرعة, إذ نجح ملقة مرة جديدة في الدقيقة 69 في تحقيق التقدم عبر أنطونيو بينيتيز المعروف بـ"ابونو" الذي ترجم ركلة جزاء لهدف رائع في سقف الحارس كاسياس إثر عرقلة قام بها الأرجنتيني فرناندو غاغو.
ومرة أخرى عاد ريال سريعاً للمباراة وبعد دقيقة واحدة حين صوب هيغوين كرة أرضية من خارج المنطقة ارتمى لها حارس ملقة فرانسيسك ارنو على غير طائل, قبل أن يحسم "رجل المباراة" هيغوين النتيجة نهائياً في الدقيقة 77 من ركلة جزاء أيضاً, صدّها ارنو في المرة الأولى قبل أن يتابعها هيغوين في الشباك مانحاً فريقه فوز طال غيابه نسبياً لنادي بمكانة ريال مدريد.